Wednesday, November 12, 2008






عيناى تسعان الدنيا وقلبى يسع العالم ولكن الدنيا والعالم لا يسعان طفولتى



كنت قد تعرفت عليها من منذ وقت ليس بقريب فهى الفتاة التى اراها تشترى اغراض من المتجر المجاور منزلنا ، لمدةحوالى 4 سنوات قضيتهم انا فى انهاء مرحلتى الجامعية بينما قضتهم حنان فى العمل كخادمة عند احدى السيدات .عيناها فى وسع الدنيا تملؤهما الشقاوة والرغبة فى معرفة كل ما يحيط بها من اشياء .وجهها منمق مثل البدر ليلة اكتماله فهى تتمتع بجمال فتيات الحقول النابض بالحيوية والصبا.،ترتدى جلباب ابيض من القطن باهت اللون ولكنه نظيف.

حنان ذات ال12 عاما تحدثت معى حكت لى عن السنوات الاربع التى قضتهما كخادمة حكت لى عن احلامها واحباطاتها ،عن منزلها وعن اخواتها الخمسة وعن اخيها محمود الذى كان يضربها ليأكل الفاكهة منها ولكنها تفتقده بشدة الان.

"يوم عادى كباقى ايامى كنت العب مع سارة وهبة اخوتى فى البيت"-جاء ذلك على لسان رانيا -"وفجأة اتت امى ومعها سيدة استغربت مظهرها بشدة فهى ترتدى السواد وممتلئة الجسد ونظرتها شديدة الحدة ،لم اكن اعلم ان تلك السيدة هى من سيقوم بتغيير حياتى باكملها وتنقلنى من عالم الى عالم اخر سيغيرنى ويغير مجرى عمرى.طلبتنى امى لاجلس معها وعرفتنى على السيدة "حنان دى بنتى الكبيرة يا ست هناء" اتذكر تلك الجملة بشدة فانا لم أطمئن لكل ما كان يحدث يومها .اقتربت منى المرأة وجذبتنى من يدى بقوة طالبة منى ان اريها شعرى فاخذت تفتش فيه كمن يبحث عن شىء يعرفه بشدة .سمعت امى تقول لها "بس انا بقول ان المبلغ كده قليل قوى على انها هتطلع بره البلد خالص بعيد عنى وعن اخواتها" اصبت بالذعر فقد تخيلت انى لن ارى امى لاخر العمر ولم اكن لافكر باننى يتم تأجيرى، لاقوم بالخدمة فى البيوت وسيدفع لامى 700 تأخذ نصفهم هناء كنوع من السمسرة "

ماذا كان يعمل والدك؟

ابويا كان بيشتغل ارزقى بايده يعنى يوم معاه فلوس ويومين لا ،كان بيسافر ويفضل مستنى حد يحتاج عمال او شقة بتتشطب او حتى عمارة بتتبنى وفضل على الحال ده لحد ما جاله مرض منعه من الشغل الثقيل فطلع محمود اخويا من المدرسة وشغله نقاش فى البلد اللى جنبنا لكن يوميته لم تكن تكفينا لنأكل ونلبس ونتعلم ولنعالج احمد كل اسبوع فى المستشفى اصله عيان بالربو.

هل ذهبتى الى المدرسة من قبل؟
انا كنت فى المدرسة وكنت الاولى على الفصل والابلة كانت بتدينى حلويات لما اجيب 10 فى الامتحان بس خلصت سنة ثانية ابتدائى واخدتنى هناء اللى حكتلك عنها فى الصيف والمدرسة شفتها فى التلفزيون بس بعد كده،اتمنى ارجع اروح الفصل والعب مع البنات واكل حمص من اول الشارع اللى فيه المدرسة بس ابويا هيجيب منين فلوس المدرسة والمريلة والجزمة والحمص؟ بفكر لما احوش 200 جنيه (اصلى بحوش فلوس من العيدية اللى بتديهانى الست وبواقى الفكة )اخد الفلوس وادفع لنفسى المدرسة.

ماذا عن اخوتك يا حنان؟
اخواتى هبة وسارة بيشتغلوا فى طنطا فى بيوت اما احمد فمريض قاعد مع امى فى البلد ،محمود بيشتغل نقاش وابويا زى ما هو مبقاش يسافر وامى بتقولى انه بيشتغل فى جراج عندنا فى البلد.

والدتك تقول لك ؟الا ترين والدك؟
لا ،ابويا مشفتوش من ساعة ما اخدتنى هناء .امى بتجيلى تشوفنى وتاخدنى الشهرية وتسافر تانى .

اخوتك وحشوكى.؟
وحشونى طبعا ....طب تصدقى بايه انا كل يوم انام احلم باحمد اصله الصغير وكان حنين عليا اوى واحنا بنلعب ولما سبت البيت كان بيعيط عليا جامد جدا .

ما هى الاعمال التى تقومين بها فى المنزل؟
بصى،انا بغسل الاطباق وبنظف المطبخ والحمام وبكنس السجاجيد وبلمع الخشب واحيانا بمسح وبتيجى زينب كل اسبوع تشيل البيت وتنظفه جامد ،انا اليوم ده بتعب اوى لانها بتطلب منى املأ مياة كتير واشيل السجادة اطلعها البلكونة وبتزعقلى جامد.

هل الست بتضايقك؟
الست طلباتها مش كتير بش س عصبية اوى اوى وبتضربنى لما تلاقى كباية مش نضيفة او لما حسن ابنها يعيط جامد بسببى مع انى والله ما بضربه ده هو اللى دايما يضربنى وبعدها يعيط .

هل يوجد شىء ما يضايقك يا حنان؟
اكيد بتضايق كتير بالذات لما ييجوا اقارب الست ومعاهم ولادهم الصغيرين ويفضلوا يسالونى ليه لابسة جلبية وليه مغطية شعرى فاى البيت ويفضلوا يسألونى ولما اهلهم يشوفوهم يندهوهم ويمنعوهم من دخول المطبخ ،بحس انى منبوذة وبعيط جامد جدا.


استأذنت حنان ان تذهب لانهااتأخرت على الست... .بعدما تركتها وقفت للحظة وحيدة فى الشارع افكر هل حقا رانيا طفلة تعيش مأساة ام انها مأساة تعيش الطفولة؟؟











التغيير يبدا من الداخل الى الخارج


"حتى يغيروا ما بأنفسهم"






ان الحياة قصيرة , مليئة بالواجبات , وهي من فرط مسؤولياتها أقرب إلى أن تكون مؤلمة وجميعنا نمر بظروف حياتية قاسية ربما


تجاوزناها بنجاح وربما بقيت محفورة في أذهاننا .....الحياة بكل مافيها من تقلبات وتغيرات ومصاعب , أنت بنفسك تحكم ما إذا كنت تريد التفاعل معها.أم تفضل أن تبقى جامداً على هامش الاحداث…..فعندما تكون حزيناً من أمر ما أو خائفاً من تغيير ما تذكر أن أحداً لن يموت من جراء خيبة الأمل , أو الرفض أو الفشل , بل هي أمور تحث على النجاح ومزيد من التحديات .يبدأ التغيير الذي يدوم طويلاً من الداخل من الذات وبمجرد أن تركز انتباهك على التحليبقيم مثل الصدق , والشجاعة , والإبداع , ستجد أن الكيفية التي تحقق بها أهدافك قد صارت أسهل كثيراً , وعندما تقوي نفسك من الداخل إلى الخارج , ستجد الأمر كمالو كنت تضيء مصابيح ذاتك الداخلية , وكلما أشرقت هذه المصابيح بضياء أكثر , وجدت نفسك وقد بدأت في اجتذاب الفرص والموارد التي تعينك على تحقيق أهدافك الخارجية .فكل نجاح وكل تطور منبعه من الذات, علاقتك بذاتك هي الأساس الذي تبني عليه الحياة والمتعة الحقيقية, والحياة ذات المعنى والقيمة , فكلها أمور تبدأ بك أنت ,فإذا شعرت بعدم الرضا عن حياتك , كما لو كنت تفتقد شيء ما فيها , فلتفكر في هذا ,فلربما كان ماتفتقده هو أنت ....تعرفها جيدا بل انها اقرب المقربين اليك،تستمتع اليها،تراها،تشعر بها،انك تفعل ذلك معظم وقتك وطوال حياتك.انها نفسك ومن منا لا يعرف نفسه.بل اننا اعتدنا عليها لدرجة القسوة .نعم فنحن نقسو على انفسنا ولا نعطيها حقها فى ان تحيا بشكل طبيعى.نشتكى من عدم ثقة الاخرين بنا ونحن لا نثق بانفسنا نجلدها حتى تصبح غير قادرة على الحياة.ان جلد الذات يأتى من الانتقاد الدائم والمستمر لانفسنا،التسفيه لقدراتنا والشك فى اسباب حب المحيطين.انك عند انتقاد ذاتك،تفقدها فرصة النجاه من شلال الفشل بل انك تدفعها الى الركود.ان العديد من الدراسات النفسية اكدت اهمية تقدير الذات وترديد عليها من الحديث ما هو محفز للنجاح والسعادة وذلك لما للانتقاد و اللوم المستمر للنفس من تأثير سلبى خطير.انت "رائع،انت قادر على النجاح،على التقدم،على الحياة.انا ايضا مثلك.تذكر "انك تحصل على ما ستحصل عليه دائما اذا فعلت ما تفعله دائما






العدد 36 وظايف مصر


نهاد عليوة nelewa@wazayefmasr.com